الشخصية تركيبة معقدة وتتدخل فى تكوينها عوامل الوراثة وتتأثر بالتربية والبيئة المحيطة سواء بالسلب أو بالإيجاب، لكن عدم تقويم السلبيات وتتطورها قد يؤدى إلى الإصابة بمرض نفسى مع مرور الزمن.
يصف الدكتور سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس والشخصية الهستيرية، بأنها ذات سمات خاصة بها تمتاز بكونها شخصية استعراضية تهتم بجذب انتباه الآخرين وهوائية إلى حد أنها لا تعيش علاقة حقيقية مدة طويلة، لذا نادرا ما نجد لديها أصدقاء مقربين تربطهما سنوات صداقة طويلة.
وفى كثير من الحالات تتعدد زيجاتها بحيث تميل دائما لأن تعيش حالات مختلفة وتخرج من طبيعتها لتتقمص شخصية أخرى كنوع من الهروب من الواقع أو من الروتين المعارض لسماتها، وذلك ما يجعلها تتميز فى مجال التمثيل وهو أنسب عمل لها. وأكدت الدراسات النفسية أن التمثيل يعد فى بعض حالات الشخصيات الهستيرية بمثابة علاج، حيث إن العمل فى هذا المجال يفرغ كل الطاقات الاستعراضية وحب الظهور، وكذلك تقمص شخصيات ومعايشة حالات مختلفة، حيث قدرتها الهائلة على التقمص.
ولأنها شخصية تتأثر سريعا بالعوامل والإيحاءات المحيطة وتتفاعل معها وتبتهج بشدة أو تكتئب بشدة، دائما تتخذ قرارات سريعة وانفعالية، نجد أن أغلب الشخصيات الهستيرية من النساء وغالبا ما يتمتعن بجاذبية، خاصة لحيويتهن وتجددهن الدائم والجو المرح الذى تنشره. كما تمتاز بجاذبية شديدة للجنس الآخر، رغم أن أغلب الشخصيات الهستيرية تتسم ببرود جنسى، ونلاحظ ذلك فى معظم ممثلات الإغراء منهن "مارلين مونرو" التى أكد أحد أزواجها فى عدة مقابلات أنها باردة جنسيا.
وذلك يرجع كما يقول د.سعيد إلى أن الشخصية الهستيرية تهتم بظواهر الأمور وبداياتها وتمل من معايشة الواقع، ودائما ما تميل إلى اجتذاب الجنس الآخر بالنظرات والتلميحات غير المباشرة، ولكنها تمله وتبتعد عنه بمجرد تأكدها من ميله إليها، وهى شخصية أنانية ومغرورة ولا تهتم إلا بالاستمتاع بالحياة بكل صورها وحالاتها الوقتية ولا تندمج أبدا مع المتطلبات الحياتية الواقعية.
وغالبا ما تصاحب الشخصية الهستيرية مرض نفسى يطلق عليه "الشرود الهستيرى". ويؤكد الدكتور سعيد أنه من السهل اكتشاف هذه الشخصيات ولكن ما دامت قادرة على التعايش ولا تقف شخصيتها حائلا أمام تكيفها واستمرار حياتها بشكل طبيعى، فهى تندرج تحت الشخصيات الطبيعية التى تحمل صفات معينة يلزمها بعض التقويم. وهذه الشخصيات يمكن معالجتها بتقوية الوازع الدينى والضمير والتربية فى بيئة سليمة تهتم بالعادات والتقاليد، ولكن إذا تطورت إلى حد عدم القدرة على التكيف وتعدد الزيجات والفشل فى العمل وفى تربية الأبناء، عندها تكون فى حاجة إلى الخضوع لجلسات علاجية لدى طبيب متخصص.
تعريف الهستريا:
هو عبارة عن اضطراب تتظاهر لدى المريض بمجموعة أعراض وعلامات مرضية قد تكون نفسية أو عضوية أو كلاهما،هدفها الأساسي الكسب والربح دون أن يكون المريض واعياً للدافع الأساسي لتصرفه هذا . وقد يساء فهم الهستريا فتلتبس مع ما يسمى بالطبيعة الهستريائية
(المبالغة في أعراض المرض) أو بادعاء المرض لكن لابد من التأكيد على الهستريا هي مرض نفسي هدفه بالدرجة الأولى الكسب والربح .
فالهستريا مرض متقلب ويمكنه أن يقلد أعراض أي مرض آخر . أما الآلية الأساسية لظهور أعراض الهستريا فهي عبارة عن حدوث انفصال في وعي المريض ويتعلق هذا الانفصال بدرجة خبرة المرضى ودرجة استعدادهم الشخصي للإصابة بهذا المرض فيما إذا تعرضوا لحالات مختلفة من الشدات النفسية . وتتطور أعراض الهستريا عادة بحيث تمكن المريض من الهروب من بعض المواقف الصعبة .
ولكن بما أن الهدف الأساسي للهستريا هو الكسب لذلك قد تختلط في بعض الأحيان مع ما يسمى بادعاء المرض . فالمتمارض هو الشخص الذي يدعي المرض ولكنه يعلم في قرارة نفسه بأنه ليس مصاب بهذا المرض في حين أن المصاب بالهستريا يشكو من أعراض حقيقية غير زائفة لأنها نابعة من العقل اللا واعي
أشكال الارتكاسات الهستريائية:
يمكن تصنيف تظاهرات الهستريا وبشكل ملائم إلى ثلاث تصنيفات :
1-اضطراب الذاكرة
2- الاضطرابات التحويلية
3-وهناك أشكال متنوعة
نبدأ باضطراب الذاكرة الذي يتضمن فقدان الذاكرة والشرود والمشي أثناء النوم والنوبات الهستريائية وتعدد الشخصيات .
الاضطرابات التحويلية:
يمكن تقسيمها إلى ثلاث أقسام حركية-حسية -حشوية:
الحركية هي:(شلل-خذل-رجفان-قساوة-عدم انتظام المشية –هزع- والنوبات الهستريائية)
حسية:(خدر عام -خدر نصفي -فرط ألم- آلام اضطرا بات حسية خاصة- نقص الرؤيا- انعدام الرؤيا- فقد السمع – فقد القدرة على التذوق والشم)
الحشوية: (إقياء – احتباس بول- إمساك)
أشكال متنوعة :(تناذر غانسر)
المبالغة في أعراض المرض العضوي ،الزيادة في استمرارية المرض العضوي، المبالغة في الاضطرابات الناجمة عن المعالجة الطبية .
ويجب معرفة أن جميع الأعراض الهستريائية التي تؤثر على الوظائف العضوية نابعة من إرادة المريض وتأثيره الخاص عليها فالعضلات الإرادية هي التي أدت إلى ظهور الإقياء واحتباس البول وعسر التغوط ،وقد فسر العلماء هذه الاضطرابات بتعريفهم للهستريا على أنها مجموعة أعراض عضوية تنجم عن تأثير التوتر العاطفي وذلك بواسطة الجملة العصبية الذاتية