ما يقوله علم النفس عن سنوات الطفولة
(نصائح للأمهات)
الأستاذ الدكتور/نبيل على محمود
دكتوراه فى علم النفس النمائى بجامعة المنصورة
15- نصائح للأمهات:
1- كونى متقبلّة لطفلك أياً كانت حالته الجسمية أو العقلية أو الوجدانية أو الأخلاقية، فالتقّبل (وعكسه النفور المؤدى إلى الإهمال والنبذ) هو نقطة البداية الأساسية للنجاح فى تربيته ..
فالمولود هبة من الله وليس سلعة قابلة للرفض أو للإعادة. وإن كان بالمولود خلل ما، فيكون التصرف الثانى هو السعى الحثيث لإصلاح ذلك الخلل.
2- تعاملى معه دائماً بمبدأ الثواب والعقاب: لكى يعرف ماذا تريدين منه أن يكون وماذا ترفضين. ولا تركّزى على العقاب كلما أخطأ، ولا على الإثابة كلما أجاد فكلاهما ضرورى لتوجيه سلوكه ومشاعره الوجهة السليمة.
3- لا يجب أن يكون العقاب بالإهانات اللفظية ولا بالإيذاء البدنى، وإنما يكون بالحرمان من المزايا، على أن يكون العقاب على قدر الخطأ (تماماً كما يفعل القاضى بالمحكمة)، كما يجب أن تُشعرى صغيرك بأنك سوف تنهى العقاب وتعودى إلى حبه فور إقراره بخطئه وعدم تكراره له.
4- لا يجب ترك الصغير لفترة طويلة (بالسفر للخارج أو بالانفصال عن الأب) خاصة فى المرحلة بين ثلاث وسبع سنوات. فالحرمان من الأم يكون أقل أثراً قبل ذلك إذ لا يكون قد وثّق علاقته بشدة مع الأم فسرعان ما يبرأ من آثار الحرمان إن حلّت محلها أم بديلة ممتازة. والحرمان بعد السبعة يكون أيضاً أقل أثراً إذ يكون قد تدرّب على خدمة نفسه وحمايتها من الأخطار ولدرجة مقبولة وقل اعتماده على الأم لذلك السبب.
5- ليس بالضرورة أن تكون الطريقة التى عاملتك بها أمّك فى صغرك هى الطريقة المُثلى التى تُلزمين نفسك بها فى تربية صغارك، ولا تقعى فيما يقع فيه بعض الآباء حين يقولون بفخر: "لقد ربّانا أباؤنا على الطاعة التامة وكثيراً ما كانوا يضربوننا بالعصا، ولهذا صرنا ناجحين فى حياتنا الحاضرة". هذا الفخر فى غير موضعه، لأنه يستند على منطق مغلوط، فليس بالضرورة أن تكون تلك القسوة هى المقدمات (الأسباب) التى أدت إلى تلك النتيجة الممتازة، فربما كان اجتهادهم وتوفر الإمكانات حولهم وحسن التزام المدرسين فى تعليمهم هى المقدمات التى أوصلتهم لتلك النتيجة. وكان الأجدر بهم أن يقولوا: "بالرغم من القسوة التى عاملنا بها أباؤنا إلاّ أننا صرنا ناجحين فى حياتنا الحاضرة"، مثلما عليهم أن يقولوا: "بالرغم من إصابتنا بالحصبة فى صغرنا إلاّ أننا صرنا ناجحين فى حياتنا الحاضرة".
6- لتقليل بكاء طفلك وصخبه عليك أن تهتمى بإشباع حاجاته عندما يحين وقت لإشباعها دون الانتظار لإلحاحه عليك بطلبها. والحاجات غير الرغبات والنزوات، فهذه لا ننصح بتلبيتها بالضرورة، أما الحاجات فهى ما يجب توفيره له لضمان سلامته البدنية والنفسية. وقد تم تصنيف الحاجات إلى بيولوجية (كالهواء والماء والغذاء والراحة البدنية ..) ونفسية (كالشعور بالأمان، وبأنه محبوب، وباستطاعته أن يجد من هو جدير بحبه وثقته، والشعور بأنه موضع تقدير، وله حق الانتماء، والحصول على ما يريد من المعلومات، وبأنه فى إمكانه الاستمتاع بما هو لذيذ أو جميل من الطعام واللعب، وبالتالى فى استطاعته أن يحقق ذاته).
أما الرغبات فهى طلبات عابرة يمكنك تحقيقها له إن كانت معقولة، فى حين تكون النزوات طلبات سخيفة يجب رفضها بحزم دون تردد.
7- حّملى صغيرك مسئوليات بسيطة بعد إقناعه بأهمية آدائه لها، مع إظهار الفائدة التى تعود من ذلك عليه وعليكِ، ثم اشكريه وامتدحيه أمام الغير على قيامه بها. ولا تقعى فى خطأ تقع فيه الكثيرات بتكليف الصغيرة برعاية الأصغر منها نيابة عنكِ لفترات طويلة أو فى أوقات لاتناسبها، فلا تنسى أن من حق الصغيرة أن تستمتع هى الأخرى بطفولتها. كذلك من الخطأ أن تقولى لصغيرك: "أنت الآن رجل البيت حتى يعود والدك من السفر"، ففى هذا تحميله بهموم نفسية هو فى غنى عنها فى تلك السن.
8- استمعى لما يقوله طفلك لنفسه خلال تعامله مع ألعابه، فكثيراً ما تكشف العبارات التى يقولها للشريك الوهمى خلال هذا اللعب عن مكنونات نفسه من رغبات ومخاوف وعواطف، فالذى يقوله للدمية: "سأعطيك موزحتى تشبعى" إنما يكافئها بما يتمنى أن يناله هو. ومن يقول للدمية: "إن لم تسمعى كلامى سأذهب بك للمستشفى لكى تموتى هناك" إنما يبدى فزعه من فكرة الموت وبأن دخول الإنسان للمستشفى معناها موته حتماً.
ومن يسّب الدمية ويلقيها بعيداً ونسأله عنها فيقول: "هى عمتى فلانة"، فى حين يلاطف دمية أخرى ويحتضنها ويقول: "إنها خالتى فلانة" فإنه بذلك يكشف لنا عن عواطفه تجاه أقاربه. وعليك أن تصححى له فكرته عن الأماكن وعن الأشخاص، بل وتصححى له ألفاظه وصياغته اللغوية. كما يمكنك إنتهاز فرصة هذا اللعب الإيهامى لتحسين قدراته الحسابية من خلال لعبة البائع والمشترى حيث يوجد سعر للشراء وسعر للبيع ومقدار للربح والخسارة.
9- يظهر لدى بعض الأطفال اتجاهاً قوياً نحو توثيق علاقاتهم بالأفراد (Person-oriented)، فى حين يظهر لدى غيرهم اتجاهاً نحو الأشياء (Object-oriented)، فإن كان طفلك من النمط الأول فيمكنك تقويم سلوكه بالتهديد بحرمانه من الاتصال بالأفراد الذين يحبهم (وأنتِ منهم) إن ساء تصرفه، ومكافأته بتيسير لقائه بهم إن أحسن التصرف. أما طفل النمط الثانى فالعقاب والمكافأة يمكن ربطهما بتيسير حصوله على أدوات اللعب وقضاء وقت طويل معها.
10- يتأثر الطفل تأّثراً شديداً بما يقوله عنه الفراد الذين يحبهم ويثق بهم: كالأم، والأب وكالعم أو الخال المفضل لديه، وكالمدرس الذى يرتاح إليه. لذلك فيجب أن يحذر هؤلاء من السخرية من شكله أو من قدراته أو من إنجازته أو من طموحاته.
11- إذا فشل صغيرك فى أحد امتحاناته قلا تشجّعيه من خلال التشكيك فى صلاحية الأسئلة أو فى ذمة المدرسين بهدف رفع معنوياته، لأنه سيكتسب عادة إلقاء مسئولية فشله على غيره، وقد يكتشف أانك كنت تجاميلنه فتفقدين مصداقيتك عنده. والأفضل أن تجعليه يواجه الموقف بشجاعة، وتؤكدى له أنك ستدعمى موقفه قى بذل المزيد من الجهد لتحقيق فهم أفضل للدروس وأن النجاح ممكن ومضمون مع الاجتهاد.
12- من الخطأ الضغط على الصغير ليكون الأول على فصله، فهذا يسبب له توتراً شديداً وخوفاً من الفشل والازدراء من والديه وبالتالى فقدان محبتهم ودعمهم له. ويمكن للأب أن ينّمى طموحاته بأن يطلب منه أن يبذل كامل جهده لكى يكون ضمن الخمس الأوائل بفصله، على أن يلقى المساعدة التعليمية والدعم النفسى الهادىء من الوالدين.