فيروس القصص الإباحية !
بقلم - علاء الدين المقداد
تنتشر في المواقع والمنتديات الإباحية موجة عارمة من القصص الإباحية التي لا تعرف حدًا إلا وتتجاوزه، ولا تترك خُلُقًا إلا وتحاول تحطيمه.
وإذا وقفت قليلا على طريقة كتابة هذه القصص فإنك ستكتشف حتمًا أن معظم هذه القصص كتبت من قبل مجرمين متمرسين في فنون الرذيلة، وليس من بعض الهواة المنحرفين كما يزعم البعض حتى إن بدا أسلوبها عفويا أو بسيطًا.
أما عن الشباب أنفسهم فمعظمهم ينظرون لهذا النوع من القصص وكأنه مجرد نوع من التسلية وتزجية للوقت وجلبًا للمتعة دون النظر إلى خطورة هذا النوع من القصص وتأثيره المدمر على عقولهم وأفئدتهم.
إننا لو تأملنا واقع هذا النوع من القصص وتوقفنا عند بعض الجوانب الهامة التي تميز هذه القصص لأمكننا بعدها الوقوف على حجم الخطر ومدى التأثير الذي تحدثه.
أولا: الجانب التقني
بما أن القصص الإباحية (في المواقع الإلكترونية) عبارة عن نصوص مكتوبة بنظام (word) فهذا يمنحها سهولة وسرعة في فتح الصفحات التي تحتوي على هذه القصص وسهولة الاطلاع عليها، ويسهّل هذا أيضًا سرعة تخزينها ونقلها بوسائل متعددة نظرًا لصغر حجمها، وهذه الميزة لا تتوافر للملفات الإباحية الأخرى سواء كانت أفلامًا أو صورًا؛ حيث إن الأحجام الكبيرة للأفلام والصور قد تدفع مدمني المواد الإباحية إلى التوجه إلى القصص سهلة المنال.
ثانيًا: الجانب النفسي
إن قراءة القصص الإباحية تدفع المتلقي إلى تشغيل ملكة الخيال لديه لأقصى درجة ممكنة كي يتمكن من استحضار الأحداث أمامه ليعيشها تمامًا ويستمتع بها إلى أقصى درجة ممكنة، ويتطلب هذا الاستحضار تركيزًا ذهنيًا شديدًا للقارئ، ويؤدي هذا التركيز الشديد إلى ترسيخ هذه القصص -بما تحتويه من أحداث كبيرة ومواقف وعبارات وأمور ثانوية صغيرة- في وعي القارئ المباشر وفي وعيه الباطن (غير المباشر)، بل قد يدفع القارئ إلى تخيل أشياء غير واردة أيضًا في القصة.
وهكذا تكون القصص الإباحية أشد خطورة من الأفلام الإباحية أحيانًا؛ لأن الأفلام لا تتطلب كل هذا التركيز الذهني ولا تتطلب كل هذا التحفيز لملكة الخيال عند الناظر إلى الفيلم، فالفيلم بأبطاله وشخوصه يقول كل شيء..
وقد ينشغل الناظر إلى الفيلم بتفاصيل جسدية و اباحية مما يبعد خياله عن التفكير في هذه الحالة بالعمق الذي يتصف به خيال القارئ للقصة الإباحية؛ فالقارئ لا يرى جسدًا عاريًا ولا لمسات مثيرة، وكل ما يراه كلمات تتعرى، ولذا يشغّل ويحفز القارئ دماغه وخياله لأقصى حد كي يصل إلى متعة جسدية، في حين أن الناظر للفيلم يمكنه أن يصل إلى تلك المتعة بمجرد المتابعة البسيطة للفيلم وللأجساد العارية، وربما يكون المتابع للفيلم مشغولا بالتحدث بالهاتف بخلاف القارئ للقصة التي تتطلب تركيزًا عاليًا.
ثالثًا: الجانب الدرامي
إن معظم الأفلام والصور الإباحية هي بالدرجة الأولى أجنبية، ومعظم المراهقين والشباب الذين يهتمون بهذا النوع من الأفلام لا يجيد فهم لغة الفيلم، وهذا يمنعه من أن يعيش الفيلم بشكل كامل، وربما لم يتمكن من فهم الفيلم، بل قد تراه ينتظر المشاهد الإباحية (الميكانيكية)، فتغيب عنه الأفكار الأخرى السيئة في الفيلم والتي قد تزيد خطرًا وسوءًا عن العملية الإباحية نفسها، أما الأفلام العربية فكما هو معروف أنها رديئة التصوير والإخراج، مع اقتصار معظم هذه الأفلام على العملية الإباحية نفسها، بعيدًا عن المواقف الدرامية التي قد تسبق تلك العملية، ومعظم هذه الأفلام تكون خالية من الجو (الساحر) الذي قد يوجد في الفيلم الأجنبي.. وهذا الجو في الفيلم الأجنبي لا يصل للمراهق بسبب حاجز اللغة الذي يعيق فهم ما يحدث في الفيلم.
رابعًا: الجانب الفكري
تقدم هذه القصص الإباحية أفكارًا مدمرة جدًا لأخلاق الشباب، ويمكن أن نلخص هذه الأفكار على النحو التالي:
1- تصور هذه القصص أن الهدف الأول والأخير من الحياة هو ممارسة الجنس، وأن لا هدف يعلو على الجنس..
2- تصور أن معظم الناس -إن لم يكن كلهم- مهووسون جنسيًا، وأنه لا يوجد عفيف والكل منافق ودجال، وأن كل الفتيات والمراهقات وكل المتزوجات (وكذلك الشباب والرجال) بانتظار أول إغواء وإغراء من الطرف الآخر للوقوع في الشراك أو المصيدة.
3- تصور أن الفساد الاخلاقي ينال كل الطبقات الاجتماعية من المسئولين السياسيين والمثقفين والأدباء والمعلمين أصحاب الرسالة.. حتى المشايخ وعلماء الدين، فلا حصانة لأحد ضد الفساد الاخلاقي.
4- عدم التعرض أبدًا للمشاكل الاجتماعية والكوارث الأسرية والجرائم والحوادث، والأوبئة الصحية التي قد يسببها هذا السعار الجنسي، فمعظم الخيانات الزوجية تمر بسلام.. وكل الممارسات الجنسية حتى الشاذ منها ليس لها نتيجة إلا المتعة والمتعة فقط.. فلا أمراض معدية، ولا فيروسات قاتلة ولا دمار أسري أو اجتماعي ولا تدني إيماني في العلاقة مع الله.
5- توجيه عقل القارئ إلى فكرة أن لا إله في هذه الدنيا إلا الجنس وأن الحياة متعة فقط.
6- تبرير كتّاب القصص الإباحية العلاقة الجنسية المحرمة بعدة مبررات لا يمكن الفرار منها وهي:
- وجود مشاكل في الصغر بين الوالدين أو التعرض لاعتداء جنسي ما في الصغر؛ مما يترتب عليه العقدة النفسية التي سيكون لها تأثيرات جنسية خطيرة في المستقبل.
- وجود مشاكل الفقر الذي يدفع الناس لممارسة البغاء.
- أن خيانة طرف ما تبرر خيانة الآخر.
- أن تقصير طرف ما بواجباته الجنسية أو ممارسته لها بطريقة منفرة أو خاطئة تبرر الخيانة للطرف الآخر.
7- الانتقال من تبرير العلاقات الجنسية المحرمة إلى تسويغها وقبولها، والانتقال من القبول إلى الدعوة والحض على ممارسة هذه الأفعال، ثم الانتقال إلى السخرية والتحذير من ممارسة العفة، ونعتها بالبساطة والسذاجة والبلاهة وقلة التجربة وعدم الفهم.
8- الترويج الفكري للممارسة الجنسية غير الشرعية بمصطلحات عدة: كالحرية الشخصية، والتقدم الفكري والحضاري الذي يرتبط بالحرية الجنسية ، ومهاجمة الأديان والأعراف الاجتماعية التي تحظر هذه الممارسات، والسخرية منها.
9- تقديم نماذج وأمثلة وأساليب وطرق في الاحتيال والمراوغة والمراودة والابتزاز والاستغلال القذر للتقنية وللعقل ولكل الطاقات البشرية للوصول إلى الضحية لممارسة الخطيئة معها.
10- التصوير الدقيق لتفاصيل العملية
، لاسيما الممارسات الشاذة منها لتعليم أشكال متنوعة من الشذوذ الجنسي: كاللواط، والسحاق، وإتيان المرأة في الدبر، وممارسة الجنس مع الحيوانات، وممارسة الجنس بأدوات معينة، والممارسات الجنسية الشاذة كاحتساء البول والتهام الفضلات!
11- تعليم زنى المحارم كممارسة الجنس مع الأخت والأم والابنة وزوجة الأخ وأم الزوجة والعمة والخالة، وغير ذلك من المحرمات، وممارسة الجنس مع الصغار من كلا الجنسين، وممارسة الجنس مع المختلين عقليًا، وممارسة الجنس الجماعي.
12- تعليم الممارسات الجنسية العنيفة جدًا والمؤذية وغير الإنسانية، والتي تؤدي إلى أذى جسدي حقيقي وأذى نفسي، قد يحول مدمن هذه القصص إلى سادي عاشق لتعذيب الآخرين أو مازوشتي عاشق لتعذيب الذات.
13- تعليم ما يسمى بالعبودية الجنسية والتي تقوم على خضوع إنسان ما لآخر خضوعًا تامًا، كخضوع العبد للإله، فيقوم الأول بالاستجابة لطلبات الثاني بدون أي اعتراض أو تردد، كلعق أوساخ القدمين أو تناول الفضلات وغير ذلك من تصرفات بهيمية، ولا يُكتفى بذلك بل تُذكر ألفاظ العبودية صراحة حيث يجب أن يذكر الطرف الخاضع أنه عبد للطرف الذي اتخذه إلهًا (جنسيًا) له.
14- تعليم الاغتصاب (الذي يقوم على العنف الجسدي) وتبريره وتسويغه، والابتزاز الجنسي الذي يقوم على التهديد بالفضيحة أو الخسارة المادية أو الوقوع في مصيبة ما.
15- تعليم القوادة بكافة أشكالها، وتسويغ الدياثة، كتبادل الزوجات أو غير ذلك مما تعافه ضمائر الرجال والنخوة والأخلاق فضلا عن الأديان السماوية والأعراف الأرضية.
16- الإساءة للدين بما يحتوي من أفكار وعبادات، وبمن يمثله من رجال وعلماء.
17- محاولة تقويض مؤسسة الأسرة بما تشمله من العلاقة الزوجية والعلاقة الأبوية والأخوية.
18- محاولة تقويض النظام الاجتماعي -من خلال هذا السعار الجنسي الذي لا يعرف حدودًا- بالاستهتار التام بكافة قوانينه الأخلاقية والدينية، ومن البدهي أيضًا أن هذا الانفلات الجنسي سيكون له آثاره المدمرة لاقتصاد المجتمع، ولقوة شبابه ورجاله، وسيؤدي كذلك إلى انفلات النظام الأمني بسبب عدم مراعاة أولئك المهووسين جنسيًا لحرمة القوانين التي تضبط وتنظم الحياة بين الناس.