السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله عز و جل وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ
حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ
حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا
تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ
قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ
أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون َ* فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ
أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ
ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا
عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ *
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ
الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأعراف: 163 _ 167)
حرم الله عز و جل على اليهود العمل في يوم السبت و قد كان هذا نوع من
الأغلال التي كانت عليهم بسبب اختلافهم و كان عمل هذه القرية صيد السمك و
في يوم السبت المحرم عليهم العمل فيه يجدون البحر مليئاً بالأسماك و باقي
أيام الأسبوع لا يكون في البحر سمكة واحدة فسبحان الله
فكان هذا الابتلاء من الله عز وجل لهذه القرية لعلهم يتوبون و لكنهم لم
يفهموا معنى الامتحان و معنى الابتلاء إنما شرعوا يتحايلون على شرع الله
لم يعلموا أن السمك إنما يتحرك بأمر من الله عز و جل بل غفلوا عن ذلك فكأن
السمك يعرف الأيام فيحتال عليهم فقالوا نحن نحتال عليه
فبدأ أحدهم ينصب شبكة يوم الجمعة أي قبل مجيء السبت فيقع السمك في الشباك
يوم السبت و يأخذها هو يوم الأحد و علم قومه بما فعل فأخذوا يتدافعون على
فعل ما فعله الرجل و يقولون " لم نصطد يوم السبت , لم نعمل يوم السبت " و
كذبوا .. فمتى حصل الصيد في الحقيقة ؟ حصل يوم السبت
.........نخرج من هذه القصة ببعض الفوائد :
1- أن التحايل على شرع الله من صفات اليهود فاستحلال محارم الله بأدنى
الحيل سمة يهودية و العياذ بالله و هناك من يفعلها من المسلمين كمن يسمي
الأشياء بغير اسمها
2- أن الحرام قليل و الحلال كثير فالمحرم يوم واحد فقط و المباح ستة أيام
في شريعتهم و كذلك أ مرنا نحن فإن الله عز و جل أمرنا أن نترك العمل في
وقت وجيز فقط و هو وقت صلاة الجمعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ
اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ) (الجمعة:9)
3- الإنسان لابد أن يفهم أن هناك ارتباط بين الطاعة و المعصية من جهة و
الرزق و الكسب من جانب آخر فمن وسع الله له في رزق محرم و سهل له طريق
الحرام إنما يُمتحن حتى ينظر الله ما يفعل فإن استمر على الحرام الذي
يكتسبه زاده الله سعة ثم أهلكه عز وجل (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا
بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)
(الأنعام:44)
4- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و فوائد الدعوة إلى الله: هنا انقسم المجتمع في هذه القرية إلى ثلاثة أقسام :
- قوم معتدين يفعلون هذه الحيلة المحرمة
- قوم آخرون رفضوا ذلك و أبوا و هم قوم صالحون نهوا المسيئين عن ذلك و دعوا إلى الله عز و جل و شرعوا ينهونهم عن الاعتداء في السبت
- أمة ثالثة سكتت عن الدعوة و ليس هذا فقط بل شرعت تيئس الدعاة و هذا
الصنف من الناس لا يريد المشاركة الإيجابية في تغيير الشر و الفساد فهو
يعلم الخير من الشر و يشعر بتأنيب نفسه اللوامه لأنه مقصر و لذلك يقول
لغيره دع عنك إتعاب نفسك و دع عنك ما تبذل من الدعوة ,فإنه لا فائدة !!!
و ما كان هذا منهم إلا تبريراً لموقفهم السلبي في ثوب نصيحة و لا شك أن
هذا جهل منهم بفوائد الدعوة إلى الله تعالى على الداعي نفسه و على المجتمع
بصفة عامة
ثم بين الله عز و جل نجاة الذين ينهون عن السوء من العذاب بسبب دعوتهم و أن الظلمة عذبوا عذاباً شديداً بفسقهم
فأين الساكتون ؟؟؟ أين الذين قالوا : لم تعظون قوماً الله مهلكهم ؟ سكت
عنهم القرآن كما سكتوا عن الدعوة , سكت الله عن الساكتين عن الحق و لذلك
اختلف العلماء فيهم .
فهذه بعض فوائد هذه القصة العظيمة نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما فيها من
موعظة و أن يوفقنا للعمل بطاعته و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أن
ينجينا من مضلات الفتن ما ظهر منها و ما بطن. آمين